عوائق معرفة إرادة الله

أرحب بك كم مجدداً لكي نستكمل حديثنا عن معرفة إرادة الله.

إن كنا نتحدث عن كيفية تمييز إرادة الله ، فلا يفوتنا أيضاً أن نذكر بعض المعطلات التي قد تعيق تمييزنا لهذه المشيئة :


1-عدم طلب معرفة الله

أحياناً يكون دافعنا نحو معرفة إرادة الله هو الخوف من نتائج اتخاذ القرارات بمفردنا ، وهذا دافع ذاتي ، بينما يريد الله أن يكشف لنا عن إرادته حتى نعرفه هو شخصياً، نعرف طرقه ، أفكاره ونستمتع بعذوبة الشركة الحميمة والتواصل معه."عرّف موسى طرقه وبني إسرائيل أفعاله" (مزمور 103 :7).

2-عدم التوقع

قد نتوقع أن يتحدث الله إلى هذا الخادم أو ذاك ، على اعتباره أكثر روحانية منا ، في حين قد لا نتوقع أن يتحدث الله إلينا بصورة شخصية فريدة ومميزة .

والحقيقة التي أود أن أوضحها أن لـَذات الله مع بني آدم ، لـَذاته معكِ ومعي ومع أبنائه أجمعين .. وهو يشتاق إلى الحديث معنا والاقتراب إلينا في كل مسالك حياتنا ، وفي كل الظروف كالفرح والحزن والخوف والإحساس بالخطر أو الضيق ، وهو يريد ان يكون معيناً لنا.

"أعطاني السيد الرب لسان المتعلمين لأعرف أن أغيث المُعيي بكلمة. يوقظ كل صباح يوقظ لي أذناً لأسمع كالمتعلمين. السيد الرب فتح لي أذناً ، وأنا لم أعاند"(إشعياء 50 : 4 ، 5 ).

3-عدم الطاعة:

تعد العبارة الأخيرة من العدد الكتابي السابق وسيلة مفتاحية لسماع صوت الله ، فعندما يعلن الله عن صوته ويجد طاعتنا له ، فإننا نختبر بركة خاصة من الله في حياتنا ، أما إذا عصينا كلمته ، ولم نطعها ، فإننا نحرم أنفسنا بركة التمتع بسماع صوت الله وتمييز إرادته ، لأنه ما الفائدة أن يتحدث الله لآذان ُمصمتة لا تريد أن تتلقى إرشاداً من قِبله.

4-عدم مخافة الله:

إن الاستهانة بحضور الله في حياتنا ، وارتكابنا للخطايا والمعاصي وعدم الاعتراف بها ، يصنعان حاجزاً وفاصلاً بيننا وبين الله ، فلا نستطيع في هذه الحالة أن نفهم أفكار الله ونعرف مقاصده الثمينة لحياتنا، وهذا ما تؤكده كلمة الله إذ تقول:" سر الرب لخائفيه، وعهده لتعليمهم"

( مزمور 25 : 14 ).

5-حياة المشغولية:

بالطبع ، نحن لا يمكننا أن نعيش حياتنا بدون الالتزام بدورنا والمسئولية الملقاه على عاتقنا سواء كنا ندرس ، أو نعمل ، أو نتفرغ لخدمة الأسرة ، ولكن إن انصرفت قلوبنا مع هذه المشغولية عن العلاقة السرية الخفية مع الله ، فلا نتوقع أن يتحدث الله إلينا. فيمكننا أن نقوم بكل واجباتنا ونحن على اتصال دائم بشخص الله ، فعندما نطلبه في بداية يومنا ، نتحد به عند خروجنا من المنزل ، نتحدث إليه أثناء سيرنا في الشارع أو انتظارنا لوسائل المواصلات ، أو التنقل بين المكان والآخر ، أو أي عملٍ آخر كنا نعمله ، فيكون تواصلنا بالله مستمراً ، عندئذٍ سنتمكن من التمتع بتمييز صوت الله عن سائر الأصوات الصاخبة من حولنا.فمكتوب في الكتاب المقدس"في كل طرقك اعرفه وهو يقوّم سبلك"( أمثال 3 : 6).

 

مفاتيح هامة لاكتشاف مشيئة الله:

 

1-التواضع: لا يقبل الله القلب المغلف بالكبرياء ، ولكن إذا أردنا أن نعرف مشيئة الله علينا أن نقترب إليه بقلوب متضعة." القلب المنسحق والمنكسر يا الله لا تحتقره"( مزمور 51 : 17 ).

 

2-الطلب: يجب أن نطلب من الله أن يتحدث إلينا ، علينا أن نتعلم أن نسكب شكوانا أمام الله ، علينا أن نتعلم كيف نجري نحو الله طالبين المعونة والإرشاد. علينا أن نتمسك بالحكمة الإلهية المعلنة من فوق"وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له. ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه"(يعقوب 1 : 5 ، 6 ).  

 

3-التمرن:

لا يمكننا أن ننمو في الإيمان إن كنا لا نتدرب على الإصغاء لصوت الله وطاعته، وهذا الأمر يأتي بالتمرن ، وهذا سوف يقودنا إلى النضوج ، والنضج لا يأتي فجائياً ، ولكنه عملية تدريجية تعتمد على الرغبة والإصرار والمواصلة في طلب معرفة الله والتمرن على سماع صوته."وأما الطعام القوي فللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر"( عبرانيين 5 : 14 ).

 

4-الثبات:

لا يمكننا ان نتجنب عواصف الحياة ورياحها العاتية ، ماذا يحدث لنا عندما تأتي رياح التجارب أو الضيقات أو المشكلات أو الضغوط المادية ، أو الحسرة لحدوث مواقف مؤلمة ؟ ماذا يحدث إذاً ، هل ننهار وتتعثر حياتنا ، أم تتعمق جذورنا وتزداد تأصلاً؟

 يمكننا أن نحظى بالسلام في وقت المخاطر ، يمكننا أن نسترشد بالنور في وقت الظلام ، يمكننا أن ننال حل المشكلات من الله صاحب السلطان الذي يقول فيكون يأمر فيصير ، ننال كل هذا بل أعظم من الكل وألا وهو بهجة حضوره بحياتنا ، فقط إن كانت حياتنا مؤسسة على الصخر.

"اُثبتوا فيّ وأنا فيكم . كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً ان لم تثبتوا فيّ. أنا الكرمة وأنتم الأغصان . الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير"( يوحنا 15 : 4 ، 5 ).  

 

لقد سعدت كثيراً بالحديث معكم ، وإلى لقاء قريب مع موضوع جديد ، والرب معكم..