كثيرون يتعجبون ولا يصدقون أمر التجسد وماهيته وأهميته.
ويتساءلون "هل الله سبحانه يصير إنساناً مثلنا؟"
هل يأكل ويشرب ويجوع ويعطش ويقضي حاجته وينام ويستيقظ ويموت؟ حاشا لله العالي المتعالي.
نعم الإله المتجسد يأكل ويعطش ويقضي حاجته وينام ويستيقظ ويموت ثم يقوم لأنه الحي إلى أبد الآبدين وهو سيدين المسكونة وجميع الساكنين فيها بالعدل.
نحن نرسم صورة لله العالي المتعالي الساكن في السموات الذي هو ساكن في نور لا يدنى منه ، وهذا بالطبع حقيقي ولكنه سبحانه جلّ علاه ارتضى أن يتنازل في صورة بشرية نستطيع من خلالها أن نعرف من هو الإله في محبته لبني البشر ورحمته وقداسته وكماله غفرانه واقترابه للإنسان .
السؤال : هل يستطيع الله أن يصير إنساناً ؟
بلا شك جلّ علاه إذا أراد فهو يستطيع لأنه لايعسر عليه أمر.
ولكن ربما يقول البعض: " لا يليق بهذا الإله العالي المتعالي أن يتجسد ويصير في شبه الناس!!
لقد صار في شبه الناس في كل شئ ما عدا الخطية..وقال المسيح أنه لا أحد يستطيع أن يبكته على خطية لأنه الكامل ..الذي سار وسط النار يصنع المعجزات ويفتح أعين العمي ويُسكِّن العواصف والبحار الهائجة والأمواج العاتية ،وهو الذي شفى الأبرص والمرأة المنحنية، وأشبع الآلاف فقط بخمس خبزات وسمكتين وهو الذي رد الحياة للعازر الذي مات وانتن..فمن ذا الذي يستطيع ان يصنع كل هذه المعجزات ويهب الحياة إلا الله وحده .
تقديرنا لجلال الله وهيبته يجعلنا نتصوره بالكيفية المتعالية غير المتنازلة ..
اسمحوا لي أن اضرب مثلاً
أب مهيب يعمل خارج المنزل في مركز مرموق جدا وله سلطان وسيادة وهيبة ..يلبس أفخر الثياب ويهابه الجميع ..هذا الأب عندما يدخل بيته ليجد أولاده يلعبون، ألا يخلع عنه رداءه الغالي وينزل إلى الأرض ليشاركهم لعبهم ومرحهم؟ هل تتأثر جلالة هذا الأب او تنتقص من هيبته ؟ كلا العكس هو الصحيح .
هذا الأب أراد أن يقترب إلى أبنائه يشعر بفرحهم وألمهم ويشاركهم أوجاعهم وأفراحهم وأحزانهم ..هو يمنحهم صورة حقيقية عن الأبوة المهيبة المحبة المتنازلة.
هذا ما فعله الله تعالى الأب السماوي العظيم في محبته لنا نحن بني البشر. لقد ارتضى أن يتنازل ويتجسد ليمنحنا حياة ابدية لاتنتهي إن قبلنا عمله ومحبته ..فهل نقبل؟
لقد وعد ان كل من يُقبل إليه لن يخرجه خارجاً، ووعد ايضاً بأن كل الذين يقبلونه سيدعوهم أبناء أحباء لا عبيد وسيكونون معه إلى أبد الأبدين.