صديقتي الغالية...
هل تأملتِ من قبل جمال شجرة مثمرة بفروعها الغنية المليئة بالأوراق الزاهية والزهور المتفتحة التي تفيح برائحتها الزكية؟ هل تعرفين سر إثمارها الذي يأسر العيون ؟
لا يكمن سر جمالها في طول ساقها أو في نوع أخشابها أو في خضرة أوراقها أو تمايل فروعها، ليس سر جمالها في أي جزء من تنسيقها الخارجي..
إذا أردتِ أن تعرفي سر جمالها تعالي وانظري إلى خصوبة تربتها التي تختفي تحتها جذورها المتشعبة العميقة تحت الأرض التي لا نراها بعيوننا إذ إنها مستترة، ولكن يتضح غنى وعمق تلك الجذور في روعة ثمارها الخارجية التي نراها بعيوننا.
عزيزتي .. هذا هو الحال مع كل شخص له علاقة وثيقة مع شخص الحبيب يسوع المسيح، فلا حياة مورقة ومثمرة دون مخدع صلاة خصب تمتد جذوره إلى أعماق قدس الأقداس ليمتص من عرش النعمة نبع غذائه وحياته اللازمين لنموه وإثماره.
لقد جاءت أولي كلمات سفر المزامير تمدح الإنسان الذي يجد بهجته في شريعة الرب إذ يتأمل فيها نهاراً وليلاً فيكون كشجرةٍ مغروسةٍِ عند مجاري المياه ، تعطي ثمرها في حينه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح.
تعريف الخلوة الشخصية :
هي جلسة هادئة مع شخص الله بعيداً عن مشغوليات الحياة ، وفيها نتحدث إلى الله من خلال الصلاة ونستمع نحن إلى صوته العذب من خلال قراءة الكتاب المقدس.
هدف الخلوة هو الشركة مع الرب.. التلذذ بجمال شخصه والتمتع بالوجود في حضرته والامتلاء بشخصه وبروحه حتى يستلم هو قيادة حياتكِ ويقود سلوككِ ومعاملاتكِ ووقتكِ.
فؤائد الخلوة الشخصية:
1- الغذاء الروحي: كما يحتاج الجسد إلى طعام لينمو به، هكذا الروح أيضاً تحتاج إلى كلمة الله والصلاة كغذاء للنمو الروحي، لذلك قال الرب يسوع " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله " ( متى 4: 4 )
إن المؤمن الذي يشتهي أن يتغذى من خلال كلمة الله ويحرص يومياً على قراءة الكتاب المقدس يبرهن عملياً على أن ينمو روحياً " وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش ( كلام الله ) لكي ننمو به "( 1 بطرس2: 2 )
2- الاتحاد بالرب : يتضح هذا المعنى من خلال كلمات موسى النبي بقوله " بماذا
يعلم اني وجدت نعمة في عينيك أنا وشعبك ، أليس بمسيرك معنا فنمتاز أنا وشعبك عن باقي الشعوب الذين على وجه الأرض " ( خروج 33 : 16 )
3-التسلح ضد هجمات إبليس: يحتاج المؤمن أن يلتصق بالرب لينال منه قوة داخلية لينتصر على حروب إبليس من خلال سيف الروح الذي هو كلمة الله.
كيفية قضاء وقت الخلوة:
أولاً تهيئة القلب ثانياً: التأمل في الكتاب المقدس ثالثاً: الصلاة
-إغلاق أبواب الحواس الداخلية (الإصغاء إلى صوت الرب ) (الحديث مع الرب)
-جمع الذهن
-تنقية القلب
-الاحتماء بدم يسوع
-التسبيح
-الإيمان
أولاً تهيئة القلب:
1- إغلاق الحواس الخارجية
" وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلٍّ إلى أبيك الذي في الخفاء " ( متى 6: 6 )
تهيئة القلب للدخول في حضرة الرب تستلزم أن نخلي أذهاننا من كل الاهتمامات والانشغالات ونطرحها عند أقدام الرب.
2- جمع الذهن وفتح أبواب الحواس الداخلية
من الأمور اللازمة لتهيئة القلب ضرورة الانفتاح على حقيقة حضور الرب باستنارة روحية وليس كمجرد إدراك ذهني، فالرب الذي نتحد به في الصلاة هو إلهكِ الذي يحبك جداً ويشتاق إلى الاتحاد بكِ.. يشتاق أن يسمعكِ ويُشبع قلبكِ بدفء محبته، ومن هذا المنطلق أعلني ورحبي بحضور الرب معكِ.
3- تنقية القلب
اكشفي أعماقك في محضر الرب الذي تحبينه ولا تتمسكي في قلبكِ بأي شئ يعوق استماع الرب لكِ . افحصي نفسكِ واعترفي بخطاياكِ وتوبي عنها.. تأكدي أن الروح القدس سيعينك على اكتشاف ما تحويه داخل نفسك من أمور لا تُسر الرب ، لذا افتحي له المجال ليكشف أعماقكِ ويُشير إلى كل غرس لم يزرعه هو في حياتكِ. لا تدللي نفسكِ أو تلتمسي الأعذار لنفسكِ ، فمع تبكيت الروح القدس بداخلكِ وكوني مطيعة خاضعة له .. ثقي أن دم يسوع الثمين سيُطهرك من كل خطية .. ثقي أن توبتكِ ستعطي حرية للروح القدس أن يُشكِّل حياتك بالكيفية التي تُظهر مجد يسوع في حياتكِ الأمر الذي سيعينكِ على رؤية الرب بصورةٍ واضحةٍ كما يعلمنا الكتاب المقدس" طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله " ( متى 5 : 8 )
4- الاحتماء بدم يسوع
لقد دخل يهوشع الكاهن يوماً ليمثل أمام الرب دون أن يرتدي الثوب المعين الذي بسببه يتأهل الإنسان للدخول إلى حضرة الرب. فما كان من الملاك إلا أنه نزع عنه ثيابه القذرة وألبسه تلك الثياب المزخرفة( زكريا 3 : 1-5) والمعنى المقصود هنا هو الاحتماء بدم يسوع فهو الذي يمنحنا الثقة بالدخول إلى الأقداس ويلبسكِ ثياب البر.
5- التسبيح
تذكري إحسانات الرب وجوده ومراحمه على حياتكِ، باركي اسم الرب وفداءه لحياتكِ.. باركيه على غفرانه لخطاياكِ وشفائه لأمراضكِ .. باركي الرب لأنه يُكلل حياتك بالرحمة والرأفة .. تفرسي في جمال يسوع أثناء ترنيمكِ ، ثقي بأن الله يشتاق أن يستمع إلى تسبيحكِ.
6- الإيمان
قال يسوع " إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي واليه أتي وعنده نصنع منزلاً "
( يوحنا 14: 23 ).. إن كلمات الرب يسوع تؤكد حقيقة محبته وسكناه مع كل شخص يحبه ويحفظ كلماته ، لذا تعاملي مع هذه الحقيقة بالإيمان ولا تعتمدي على مشاعركِ لأن مشاعرنا متقلبة وكثيراً ما تتأثر بالظروف الخارجية ، بل عمِّقي إيمانكِ في حقيقة حضور الرب من خلال كلمته إذ يقول " اني سأسكن فيهم وأسير بينهم "
( 2 كورنثوس 6 : 16 )
ثانياًُ : التأمل في الكتاب المقدس
( الإصغاء إلى صوت الرب)
ثقي أن الرب يريد أن يكشف لكِ عن ذاته ومحبته ومشيئته، لذا كوني يقظة لتلك الحقيقة المُفرحة والمشجعة.. ارفعي قلبكِ بطلبة جادة أن تستمعي إلى صوت الرب
" اكشف عن عينيّ لأرى عجائب من شريعتك " ( مزمور 119: 18 ).
ثالثا ً: الصلاة
( الحديث مع الرب )
وهي لغة تخاطب مع شخص الله القدير لذا فلابد أن تكون
- من القلب ( ارميا 29 : 13 )
- بقلبٍ صادق ( عبرانيين 10 : 22 )
- بالروح وبالحق ( يوحنا 4 : 22 –24 )
- باتضاع ( 2 أخبار الأيام 7 : 17 )
صديقتي الغالية.. أصلي أن نستمتع جميعاً بحياة مباركة في محضر الرب. وإله السلام يملأ قلبكِ بكل بركة روحية في المسيح. آمين.
برنامج لمسات شافية
info@lamsat.org