تسلمت رسالة من إحدى مستمعات البرنامج، ونظراً لتكرار الشكوى المُرفقة ( بغض النظر عن اختلاف التفاصيل) فضّلت أن أنشر ردي على رسالة الصديقة( دون ذكر أسماء) متمنية أن تجدوا من خلال سطورها القليلة فائدة عملية
رسالة الصديقة
" أنا كنت هادية زمان، وأي حد كان بيقول لي أي كلمة تضايق، كنت بتجرح ، وباخد في نفسي واسكت. لكن دلوقتي أنا مش عارفة ازاي بقيت عصبية بالشكل ده، مش بستحمل أي حد
يخالفني في الرأي أو يقول لي كلمة تضايقني ، والنتيجة إني بقيت بتعصب بسرعة وصوتي بيعلى وبقيت بعاني من سرعة في ضربات قلبي. أعمل إيه؟
الرد
صديقتي الغالية أشكرك كثيراً من أجل رسالتِك التي منحتنا الفرصة أن نناقش هذا الموضوع سوياً.
إن التحول الذي طرأ بحياتِك ناجم عن غضب مكبوت منذ سنوات ، وعندما ازداد بداخلِك الشعور بالضغط، كانت النتيجة الطبيعية هي الانفجار
بالطبع، الغضب هو عاطفة محايدة أي أنه ليس خيراً أو شراً بحد ذاته، لكن السلوك الناتج عن الغضب هو الذي يمكن أن يكون صحيحاً أو خاطئاً
الغضب هو عاطفة كامنة بداخل كل إنسان تُولِّد لديه طاقة لكي يأخذ رد فعل تجاه موقف أو مشكلة ، لكنه بنفس الوقت يستطيع أن يتحكم بغضبه ويسيطر عليه وهذا الأمر يحتاج إلى مهارة خاصة تتم من خلال التدريب.
لذا ، أقترح عليكِ النقاط العملية التالية
- كوني قريبة من مشاعركِ أي تفهمي أفكارك ، وقد يساعدك على هذا الأمر أن تعبري عن المشاعر التي تدور بداخلِك سواء من خلال الكتابة أو مشاركة أحد الأشخاص القريبين إليكِ والقادرين على تفهم أعماقِك
- تصالحي مع نفسِك ، ولا تلومي نفسِك في المواقف بدون سبب.
- تدربي على تعلم فن الحوار مع نفسِك ، وهذا يحتاج إلى صدق وصراحة مع النفس ورغبة في تحقيق تطوير بشخصيتك، فمثلاً ، إذا انتقدِك أحدهم، قيّمي النقد جيداً ، وحاولي أن تستكشفي الرسالة التي يريد الآخر أن يرسلها لكِ، دون أن تأخذي رد فعل فوري برفض النقد الموجه لكِ. هذا الأسلوب الحيادي في التعامل مع النقد سيساعدِك على الخروج بنصيحة أو تحذير ، أو ربما قد يفتح عينيكِ على جزئية جديدة لم تلتفتي إليها من قبل، وبهذه الكيفية سيتحول شعورِك بالغضب من النقد المُوجه لكِ إلى طاقة تدفعك لتطوير نفسك ( أما إن كان الطرف الآخر يحمل نوايا غير طيبة فلا تكدري نفسِك بكلماته).
- حاولي تقييم الأمور بنظرة موضوعية مبنية على التحليل، فمثلاً إن قابلتِك مشكلة معينة ، ابدئي بفحص أساس المشكلة واعرفي حجمها الحقيقي دون تهوين أو تهويل لحجمها.
- اجمعي أكبر قدر من المعلومات يساعدِك على الوصول لأفضل الحلول.
- حاولي أن تصلي لنتائج جذرية ، لأن الحلول المؤقتة قد تفيد لوقت مؤقت.
- لا تتخذي قراراً وأنتِ تحت ضغط الشعور بالغضب ، اهدئي واستجمعي أفكارك مرة ثانية لكي تكون قراراتك صائبة" بالرجوع والسكون تخلصون، بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم" ( إشعياء 30 : 15 ).
- تدربي على التفكير بطريقة إيجابية، فالتعامل مع الأفكار السلبية يحمينا من الغضب" كل ما هو حق كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مُسر كل ما صيته حسن إن كانت فضيلة وإن كان مدح ففي هذه افتكروا" ( فيلبي 4 : 8 ).
- تدربي أيضاً على مواجهة الآخرين مع اختيار التوقيت المناسب والأسلوب المناسب ، وامنحيهم فرصة للتعبير عن أنفسهم والتماس الأعذار لهم، فقد تكشف هذه المصارحة عن سلامه دوافع الآخرين ، أو قد تكشف لهم خطأهم ، والنتيجة في الحالتين أفضل بكثير من الكتمان الذي يزيد الغضب ويزيد الحواجز بين الناس.
- إن أساء إليكِ أحدهم عن عمد، فتدربي على التحكم بأعصابِك واختيار الكلمات المناسبة في التعبير عن نفسك ، ولا تقطعي كل خيوط التواصل بينك وبين الآخرين
- تدربي أيضاً على تحمل أخطاء الآخرين وغفران إساءتهم ، تعاملي بحكمة وهدوء مع المسيء واعرفي أن الخطأ هو نتيجة محدودية الإنسان ، وهذا وارد أن يصدر عن الآخر وعنكِ أنتِ شخصياً، عندئذٍ ستكونين بحاجة لمن يلتمس لكِ الأعذار. تأكدي أن الغفران يحفظ سلامة نفوسنا وأجسادنا والأكثر أهمية أنه يحفظ سلامة علاقتنا بالله " فإن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضاً أبوكم السماوي" ( متى 6 : 14 ).
صديقتي الغالية ، لقد استمتعت كثيراً بالحديث معكِ
يمكنكِ أيضاً الاستماع للحلقات المذاعة على موقعنا حول هذا الموضوع بالعناوين التالية " إدارة الغضب" ، " الذكاء الانفعالي".
وإلى لقاء قريب مع موضوع جديد، والرب معكِ.