يستعمل مصطلح النرجسية عموماً بالمعنى السلبي .. وهو يقترن بالأنانية وحب الذات المفرط والشخصية المدللة التي لاتتحمل المسؤولية ولاتعطي بل تأخذ دائماً ..
وفي الجانب الآخر يستعمل المصطلح بمعنى حب الذات الطبيعي والاعتيادي وأننا جميعاً لدينا رغبات نرجسية تحتاج إلى الإشباع .. وأيضاً أن الدوافع النرجسية وحب الذات موجودة من الطفولة ومن الضروري إشباعها وتلبيتها ..
وببساطة يمكن أن يطرح موضوع النرجسية بشكل كمي ونسبي .. أي أن هناك درجة طبيعية مقبولة وضرورية من النرجسية عند جميع البشر ، ولكنها عندما تزيد في كميتها وشدتها فإنها تصبح مرضية وضارة ومؤذية مما يطرح أهمية الجهود للحد من النرجسية المفرطة والوقاية منها وتعديل الأساليب التربوية والقيم التي تؤكد على الفردية والأنانية .
وفي الحياة اليومية والتربية والأخلاق والدين يستعمل مصطلح النرجسية كمصطلح مرادف ومرافق للأنانية والدلال الزائد ، ومعاكس للغيرية والشعور بالمسؤولية .
ويستعمل المصطلح أيضاً بمعنى حب الذات الطبيعي والاعتيادي المقبول والمطلوب ، في قضايا تربوية وحقوقية وقانونية .. مثل التعبير عن الذات وحقوقها وحقوق الطفل والمرأة والأقليات والشعوب .. ويؤدي الظلم والاضطهاد إلى جروح نرجسية عميقة وردود فعل متنوعة عدوانية ، وتماهي مع البطل المثالي وغير ذلك .
وفي عصرنا الحالي يزداد الاهتمام بالفردية والشكل والصورة والتجميل .. وربما يساهم ذلك في ازدياد السلوك النرجسي ..
النرجسية في التحليل النفسي :
كان فرويد أول من استخدم مصطلح النرجسية من الناحية النفسية .. وقد استعمله بمعنى محدد وهو أن لدينا جميعاً رغبات نرجسية أو حب الذات ، وهي طبيعية ومن الضروري إشباعها ، وأنها تشكل مرحلة من النمو تتطور فيما بعد إلى حب الآخر . وفي حال عدم إشباع هذه الرغبات يحدث الإنكفاء على الذات والتثبت عند مرحلة حب الذات الأولى .
وقد طرح كاوت و كيرنبيرغ Kohut , Kernberger تفاصيل عن مفهوم النرجسية المرضية من وجهة نظر تحليلية وأنها نتيجة لعلاقة باردة غير متعاطفة وغير ثابتة مع الأبوين في مرحلة الطفولة الأولى ، وأنها تعويض مرضي على تلك المرحلة . وبين كيرنبيرغر أن اضطراب النرجسية الشديد أو الخبيث لايمكن علاجه بينما يمكن علاج الحالات المتوسطة أو الخفيفة .
النرجسية في الطب النفسي :
يشير مصطلح اضطراب الشخصية النرجسية في الطب النفسي إلى اضطراب مزمن وشامل في الشخصية وله صفاته وملامحه السلوكية .. وهو يصنف كواحد ضمن عشرة اضطرابات للشخصية في الدليل التشخيصي الأمريكي DSM IV TR 2000 .
واضطرابات الشخصية هذه تقسم إلى ثلاثة مجموعات تضم المجموعة الأولى : الشخصية الشكاكة Paranoid ،والشخصية الفصامية Schizoid ، والشخصية ذات النمط الفصامي Schizotypal . وتضم المجموعة الثانية : الشخصية المضادة للمجتمع Antisocial ، والشخصية الحدودية Borderline ، والشخصية النرجسية Narcissistic ، والشخصية الهستريائية Histirionic . وتضم المجموعة الثالثة : الشخصية الاعتمادية Dependent ، والشخصية القلقة التجنبية Avoidant ، والشخصية الوسواسية القهرية Obsessive compulsive .
وبالطبع تتميز كل شخصية بصفات محددة وسلوكيات ويبدو أن الشخصيات في كل مجموعة لها بعض القواسم المشتركة لذلك تم تصنيفها معاً .
واضطرابات الشخصية تشخص في المحور الثاني للتشخيص أما المحور الأول فهو يضم التشخيص المرضي العيادي مثل الاكتئاب أو القلق وغير ذلك .. بينما في محور التشخيص الثاني توضع اضطرابات الشخصية وحالة الذكاء مثل التخلف العقلي بدرجاته المتنوعة .
: تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية
يتطلب التشخيص وجود خمسة صفات وسلوكيات من النقاط التسعة التالية .. وهذه الصفات والسلوكيات مزمنة وبعد عمر 18 سنة وتؤدي إلى مشكلات ومعاناة وصعوبات في التكيف
- تضخيم قيمة الذات وميزاتها ومهاراتها .
- الانشغال بخيالات النجاحات الباهرة ، القوة ، الذكاء ، الجمال ، الحب المثالي .
- الاعتقاد بأنه شخصية متميزة وأنه لايفهمه إلا المتميزون ولايتعامل إلا مع المتميزين .
- يتطلب الاعجاب والإطراء دائماً .
- يعتقد أنه يستحق الامتيازات وأن يعامل بشكل متميز واستثنائي .
- نقص التعاطف مع الآخرين .
- يستغل الآخرين .
- يغار من الآخرين كثيراً أو يعتقد أن الأخرين يغارون منه .
- متبجح ومتغطرس في سلوكه وكلامه .
وفي حال عدم توفر عدد كاف من الصفات والسلوكيات مما سبق لايمكننا أن نطلق تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية ، وتوصف
الحالة عندها بأن لديها بعض صفات الشخصية النرجسية ، وهذا شائع في الحالات العامة والعيادية .
صفات وسلوكيات أخرى شائعة
الإحساس بالضعف ، أنه غير مرغوب فيه
عدم تقبل النقد والغضب الشديد من النقد واللوم
عدم تحمل الإحباط
الانسحاب الاجتماعي أحياناً
صعوبة التعاون مع الآخرين
مشكلات مهنية
البحث عن الاهتمام وإثارة الانتباه
مشكلات في العلاقات الشخصية والزواج
د. حسن المالح استشاري الطب النفسي بدمشق
|