الاكتئاب والإيمان


هل يكتئب المؤمن؟ من الضروري الاجابة عن هذا السؤال لأن احد الاسباب التي تزيد من اكتئاب المؤمن هو افتراض ان المؤمنين لا يكتئبون بل يجب ان يكونوا فرحين دائما

 هذا الافتراض يجعل المؤمن متشككا في صدق إيمانه وحقيقة خلاصه وهذا يزيد من شدة اكتئابه ، حيث إن المكتئب دائما ما يتساءل ويتشكك في قيمة نفسه واستحقاقه لأي شئ جيد وهو يميل أن يلوم نفسه

الإنسان كائن بيولوجي نفسي اجتماعي روحي في الوقت نفسه . ولما كان الإنسان كائنا بيولوجيا ، فهو يتأثر بالتوازنات الهرمونية والكيميائية التي في جسده. وعدم الاتزان في بعض الكيمائيات في المخ هو أحد الأسباب المهمة للاكتئاب ( السبب البيولوجي)، ولكونه كائناً نفسيا ، فهو يتأثر أيضاً بالأفكار والمشاعر وباستقباله الخاص للأحداث التي تجري حوله والتي تؤثر في مشاعره وتتسبب في اكتئابه ( السبب النفسي)

 ولأنه كائن اجتماعي ، فهو أيضاً يتأثر بالبشر ويحزن لفقدان العلاقات الحميمة

( السبب الاجتماعي). كما أن الإنسان أيضًا كائن روحي مخلوق على صورة الله له إرادة حرة وطبيعة أخلاقية ، وهو أيضاً مدعو للحياة الأبدية . لذا فهو يتأثر بالاغتراب عن الله. لا سيما إذا كان قد اختبر الاقتراب منه والشركة معه( السبب الروحي)

عندما يصير الإنسان مؤمناً ( إيماناً روحيا وجوديا، وليس مجرد إقرار عقلي)، فإن بعدًا مطلقاً وأبدياً في الوجود ينفتح أمامه، لكنه في الوقت نفسه لا يفقد كونه كائناً بيولوجيا نفسيا اجتماعيا

صحيح ان الانسان المؤمن بسبب علاقته بالله يستطيع ان يتعامل مع الاكتئاب والقلق والشك وكل الاضطرابات النفسية والوجدانية على نحو افضل ممن لا يتمتعون بمثل هذه العلاقة ، لكنه يكتئب ويقلق مثل أي إنسان آخر..

د. أوسم وصفي